انفجار بيروت

انفجار بيروت

أنقاض الانفجار

ما زالت فرق الإنقاذ في لبنان تبحث عن أكثر من 100 شخص مفقودين بعد انفجار ضخم دمر مرفأ العاصمة بيروت الثلاثاء.

ويعيش لبنان حالة حداد بعد الانفجار الذي هز المدينة كلها والذي أودى بحياة أكثر من 100 قتيل، بالإضافة إلى 4000 جريح، على الأقل.

وقال الرئيس ميشال عون إن 2750 طنا من نترات الأمونيا كانت مخزنة بطريقة غير آمنة في مستودع لنحو ست سنوات.

ودعا إلى اجتماع عاجل لمجلس الوزراء الأربعاء، وقال إنه يجب إعلان حالة الطوارئ لمدة أسبوعين.

وتبدأ البلاد اليوم الأربعاء حالة حداد رسمي تستمر ثلاثة أيام.

وتستخدم نترات الأمونيا كسماد في الزراعة، وكمادة مفجرة.

ماذا حدث؟

حدث الانفجار بعد الساعة 18:00 مساء بحسب التوقيت المحلي الثلاثاء بعد نشوب حريق في المرفأ.

سحب دخانمصدر الصورةAFP

ويقول هادي نصر الله، وهو شاهد عيان، لبي بي سي إنه رأى النيران ولكنه لم يتوقع الانفجار. ويضيف: "فقدت سمعي لعدة ثوان، وشعرت أن هناك شيئا غير عادي، ثم فجأة تهشم زجاج سيارتي والسيارات التي كانت حولنا، وزجاج المحال، والمتاجر، والمباني. وانهمر الزجاج من أنحاء المبنى كافة".

وقالت لينا سنجاب، مراسلة بي بي سي، إنها شعرت بارتدادات الانفجار من المكان الذي كان فيه، والذي يبعد عن المرفأ بنحو خمس دقائق بالسيارة. وأضافت: "اهتزت البناية التي أقيم فيها، وكادت أن تنهار، وفتحت جميع النوافذ بسبب شدة الانفجار".

وشعر بعض الناس في جزيرة قبرص، التي تقع شرقي البحر المتوسط على بعد حوالي 240 كم من بيروت، بالانفجار وقالوا إنهم اعتقدوا أنه زلزال.

وقال رامي رحيم الصحفي في بي بي سي إن حالة من الفوضى وقعت بعد حدوث الانفجار، عندما كانت سيارات الإسعاف بصافراتها العالية، تحاول شق طريق لها وسط حركة المرور المزدحمة لبلوغ مكان الانفجار. وأضاف: "غطت شظايا الزجاج الطريق السريع المؤدي إلى بيروت من جهة الشمال، بينما كانت جرافة تزيل بعض الأنقاض".

لبنانية مصابة

وعرضت وسائل الإعلام المحلية صور أناس محاصرين تحت الأنقاض، وأظهرت صور الفيديو سيارات مدمرة، ومباني دمرها الانفجار. وقيل إن المستشفيات غصت بالجرحى.

وقال رئيس الصليب الأحمر اللبناني، جورج كيتاني، لوسائل الإعلام المحلية: "ما نشهده هو كارثة ضخمة. هناك ضحايا ومصابون في كل مكان".

وأضاف: "أكثر من 100 شخص فقدوا حياتهم. ومازالت فرقنا تواصل عمليات البحث عن 100 آخرين مفقودين".

وقالت الصحفية سونيفا روز إن الدخان كان مازال يتصاعد إلى السماء في وقت متأخر من المساء. وأضافت: "غطى السواد المدينة كلها. كان من الصعب السير والتجوال، وكانت الدماء تغطي الناس. رأيت امرأة في الـ86 من عمرها كان يعالجها طبيب فر للتو من بيته وفي يده صندوق إسعافات أولية".

ما الذي سبب الانفجار؟

وقال مسؤولون إن تحقيقا بدأ لمعرفة السبب الذي أدى إلى حدوث الانفجار. وقال مجلس الدفاع اللبناني الأعلى إن المسؤولين عنه سيواجهون "أقسى عقوبة" محتملة.

انفجار بيروتمصدر الصورةREUTERS

وأضاف المسؤولون أن نترات الأمونيا، التي سببت الانفجار كانت مخزنة في مستودع، بعد تفريغها من سفينة احتجزت في المرفأ في عام 2013.

وقال ضابط الاستخبارات البريطاني السابق، فيليب انغرام، لبي بي سي إن نترات الأمونيا لا تتحول إلى مادة متفجرة إلا في ظروف معينة.

ولنترات الأمونيا عدد من الاستخدامات، لكن أكثرها شيوعا هو استخدامها سمادا في الزراعة، وفي التفجير.

وهي مادة شديدة الانفجار إذا اقتربت منها النيران، وعندما تنفجر، ينبعث منها غازات سامة، منها أكسيد النيتروجين وغاز الأمونيا.

وهناك قواعد صارمة لتخزينها بأمان، إذ يجب أن يكون مكان التخزين مقاوما للحرائق تماما، وألا توجد فيه أي مصارف أو مواسير، أو أي قنوات أخرى تتراكم عليها نترات الأمونيا، وتكون سببا لخطر انفجار آخر.

وقال انغرام إنها إذا خزنت بأمان، ولكن في مكان ضيق ولحقها التلوث بمواد أخرى مثل زيوت الوقود، فقد تنفجر.

ما هي خلفية الحادثة؟

وقع هذا الانفجار في وقت حساس بالنسبة إلى لبنان. فمع ارتفاع عدد الإصابات بفيروس كورونا أصبحت المستشفيات تعاني من عدد المرضي. والآن تواجه علاج آلاف الجرحى.

امرأة تبكي في فزع وحزنمصدر الصورةEPA

وتمر البلاد أيضا بأزمة اقتصادية. فلبنان يستورد معظم أغذيته، كما أن كميات كبيرة من الحبوب المخزنة دمرت، مما أدى إلى انتشار مخاوف من احتمال نقص الأغذية.

وأصبح مستقبل مرفأ بيروت نفسه محل شك، بسبب التدمير الذي نتج عن الانفجار، وانهيار كثير من المباني والمنازل، التي لم تعد صالحة للسكنى، ولم يتبق منها إلا حطام وزجاج مهشم، وأصبح قاطنوها مشردين.

وأعلن الرئيس عون أن الحكومة سوف تفرج عن 100 مليار ليرة، أي حوالي 66 مليون دولار، تمويلا للطوارئ.

وقد حدث الانفجار بالقرب من المكان الذي وقع فيه تفجير السيارة المفخخة، التي قتل فيه رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري في عام 2005. ومن المقرر إعلان حكم المحكمة الخاصة، التي تحاكم أربعة أشخاص اتهموا بتدبير الهجوم على الحريري، في هولندا قريبا.

وكان التوتر شديدا في لبنان قبل وقوع الانفجار، مع استمرار الاحتجاجات على معالجة الحكومة لأسوأ أزمة اقتصادية تمر بها البلاد منذ الحرب الأهلية فيما بين عامي 1975 و1990.

ويلوم كثيرون الطبقة الحاكمة، التي يهيمن أفرادها على السياسة منذ سنوات، وتضخمت ثرواتهم، بينما فشلوا في تنفيذ الإصلاحات الضرورية لحل مشكلات لبنان. ويعاني الناس كل يوم من انقطاع التيار الكهربائي، ونقص المياه الصالحة للشرب، وقلة الرعاية الصحية.

كما أن هناك توترا على الحدود مع إسرائيل، التي قالت الأسبوع الماضي إنها أحبطت محاولة تسلل عبر الحدود من قبل أفراد من جماعة حزب الله، التي تتمتع بنفوذ قوي في لبنان.

وقال مسؤول إسرائيلي كبير لبي بي سي إن "إسرائيل لا علاقة لها" بانفجار بيروت.


انفجار بيروت: ماذا بعد "الكارثة" التي هزت لبنان؟


انفجار بيروت

وتقول الجريدة: "بدت العاصمة اللبنانية منكوبة بعيد الانفجار الذي اعتقد كثيرون للوهلة الأولى أنه ناجم عن زلزال، أو ما قد يطلق عليه 'بيروتشيما‛، في ما يشبه الدمار الذي لحق بمدينة هيروشيما اليابانية، التي تعرضت لقنبلة نووية أمريكية خلال الحرب العالمية الثانية، قبل أن يبدأ الدخان اللاهب المتصاعد من مرفأ بيروت برسم سيناريوهات لروايات عدة لم يكن حُسم حتى أولى ساعات المساء أي منها، لتبقى الحقيقة الوحيدة أن مئات القتلى والجرحى سقطوا".

وفيما عكست صحف عدة مشاعر الصدمة والألم، أعربت أخرى عن تضامن الدول العربية مع لبنان في أزمتها.

ونقلت صحيفة الشرق القطرية ما جاء في تغريدة أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني قائلًا: "قطر تقف إلى جانب الأشقاء في لبنان ومستعدة لتقديم الدعم الفوري".

وتحت عنوان "وقفة قطرية سباقة مع لبنان"، تقول الشرق في افتتاحيتها: "لا تكفي الكلمات لتقديم العزاء للأشقاء في لبنان على المفقودين، ولا تكفي عبارات المواساة للجرحى الذين أصيبوا في هذا اليوم العصيب من تاريخ لبنان، الذي سيضاف لرصيد أيام بيروت الحزينة، لكن يبقى واجب العالم أن ينظر بإنسانية إلى هذا البلد المنكوب، وأن يتعامل مع شعبه بعيداً عن الحسابات الإقليمية التي لطالما كان لبنان مسرحًا لتصفيتها".

وأبرزت صحيفة الدستور اللبنانية توجيهات الملك الأردني عبد الله الثاني في عنوان رئيسي، قائلة: "الملك يوجه بإرسال مستشفى عسكري ميداني إلى لبنان".

وأشارت صحيفة البعث السورية إلى تعزية الرئيس بشار الأسد لنظيره اللبناني ميشال عون من خلال برقية أكد فيها وقوف سوريا إلى جانب لبنان، قائلًا: "آلمنا كثيرًا الحدث الجلل الذي وقع في مرفأ بيروت وخلّف عدداً كبيراً من الضحايا والجرحى".

أعمدة دخانمصدر الصورة"انفجار أم هجوم؟"

تتساءل صحيفة الأيام البحرينية عن طبيعة ما حدث، وهل وقع " انفجار أم هجوم"، مشيرة إلى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وصفه بأنه "هجوم محتمل". ونقلت عنه قوله في إيجاز صحفي في البيت الأبيض: "كان هجومًا مروعًا فيما يبدو".

وتقول ليلى بن هدنة في صحيفة البيان الإماراتية: "على مدى العقود، مر لبنان بحروب ومصاعب وأزمات عديدة، لكن إرادة الشعب اللبناني تنتصر، حيث يبقى لبنان مهما عصفت به الأزمات، كطائر الفينيق ينهض من الرماد، فتفجيرات أمس، والتي جاءت قبل يومين من إصدار المحكمة الخاصة بلبنان حكمها النهائي في قضية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري عام 2005، لكن كل محنة تأتي على هذا الوطن تزيدها صلابة وعزيمة على مواصلة الحفاظ على البلاد والوقوف على قلب رجل واحد".

وتضيف: "واهم من يفكر ولو لحظة من الوقت أن بإمكانه ضرب قرارات محكمة الحريري والتأثير على مصداقية القضاء، وواهم من يعتقد أن اللبنانيين سينجرون للعنف والفتنة، فمن يمارسوا مهنة خفافيش الظلام مهما طال ليلهم فالنور لا بد من أن يقهر الظلام ويكسره، وسينتصر لبنان في المعركة بتعرية الذين قتلوا الحريري لإسقاطهم بعدما تاجروا بالدين وبشعار المقاومة".